نتيجة للظروف القاسية وغير المسبوقة التي يواجهها الصحفيون في اليمن والتي خلقت بيئة مشحونة بانتهاكات صارخة فرضتها سيطرة القوى المتصارعة في مختلف المناطق اليمنية، وطبقت قوانينها الخاصة بعيدًا عن التشريعات الوطنية والدولية، مما أدى إلى تقويض حرية الإعلام. ونتيجة لتلك الممارسات عملنا في هذه الورقة على تحليل هذه القضايا تحليلًا قانونيًا لتوضيح مواطن الاختلالات والتجاوزات غير القانونية التي مارستها الأجهزة الأمنية والقضائية على الصحفيين، وأثّرت سلبًا على المشهد الصحفي.
أصبح الصحفيون في مواجهة مباشرة مع قمع السلطات الأمنية والقضائية، التي باتت تعمل تحت تأثير سياسي وعسكري واضح. هذه البيئة العدائية تمثلت في تقييد حرياتهم، فخلال العام الماضي 2024 رصد مرصد الحريات الإعلامية 40 حالة استدعاء وتحقيق من قبل جهات أمنية وقضائية وجهت إثر ذلك تهمًا ملفقًة ضدهم، وأحالت معظمها إلى محاكم عادية وأخرى جنائية متخصصة، سواء في المناطق التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله الحوثية أو تلك الواقعة تحت سلطة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا.
واعتمدنا في التحليل على مراجعة مجموعة من الملفات المتضمنة إجراءات التحقيقات وقرارات الاتهام وغيرها من الوثائق والبيانات المرفقة في ملفات تلك القضايا، والتي زودنا بها فريق المرصد، الذي تولى زمام الدفاع وتقديم العون لعدد من هذه القضايا وتكفل بها. إلى جانب التقارير الحقوقية للمنظمات المحلية والدولية.
وبالعودة إلى النصوص القانونية اليمنية التي تم الاستناد إليها في هذا المقال: الدستور، قانون الصحافة والمطبوعات رقم (25) لعام 1990م، قانون حق الحصول على المعلومات رقم (13) لعام 2012م، ونصوص القانون الدولي لحقوق الإنسان التي تنظم العمل الصحفي وحقوقه وحرياته على الصعيدين الوطني والدولي، وكذلك القوانين الجنائية: قانون الإجراءات الجزائية رقم (13) لعام 1994م، التي تبين الإجراءات القانونية التي تتخذ في مواجهة الصحفيين والمبادئ العامة التي تضمن تطبيق القانون وتحقيق العدالة وحماية حقوق وحريات الصحفي. وقانون الجرائم والعقوبات الذي تستند إليه الجهات القضائية في توصيفها لأعمال الصحفيين باعتبارها جرائم تجعلهم يقعون تحت طائلة القانون.
ولتحليل هذه الممارسات غير القانونية التي تؤثر سلبًا على حرية الصحافة، عملنا على تسليط الضوء على الانتهاكات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية والسلطة القضائية. بالإضافة إلى الأعمال التي يمارسها الصحفيون تحت مظلة “العمل الصحفي”، وهو ما يوفره القانون من حماية. كما يتوجب على الصحفيين فهم التصرفات التي قد تعرضهم للمخاطر في أوقات الصراع، وضرورة إدراك الإجراءات الوقائية التي تساعدهم في الحفاظ على حريتهم وسلامتهم الجسدية.
في هذه الورقة، سنقدم دراسة قانونية تحليلية لمجموعة من الملفات القضائية المرصودة والموثقة من مرصد الحريات الإعلامية إلى جانب التقارير الحقوقية الصادرة عن المنظمات المحلية والدولية، وعيًا بأهمية هذه القضايا في حماية العمل الصحفي في اليمن. وسيتم توصيف هذه القضايا وفقًا لما تنص عليه القوانين اليمنية والدولية. كما تتناول الورقة عرضًا للتشريعات الوطنية النافذة والمرتبطة بصورة مباشرة بالصحافة والعمل الصحفي، وسردًا موجزًا يستعرض خلاله الواقع الصحفي خلال السنوات العشر الماضية، وما تخلله من انتهاكات وتجاوزات غير قانونية للأجهزة الأمنية والقضائية، مع عرض نماذج من واقع الملفات وتوصيف الأعمال غير القانونية التي تعرضت لها، والتدليل عليها بالنصوص القانونية الوطنية والدولية.
📎 لقـراءة التحليل الكامل اضغط هـنـا
التعليقات