ورقة سياسات واقع ريادة الأعمال في مأرب

ورقة سياسات واقع ريادة الأعمال في مأرب

تسلط هذه الورقة ، والصادرة عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، الضوء على واقع ريادة الأعمال في محافظة مأرب في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها منذ عام 2015، حيث أسهمت موجات النزوح المتواصلة في ارتفاع الكثافة السكانية وتوسع النشاط الاقتصادي، خاصة في مديرية المدينة التي باتت مركزًا للنشاط التجاري والخدمي. وتشير البيانات الرسمية الصادرة عن السلطة المحلية إلى وجود أكثر من   19 ألف نشاط اقتصادي مسجل حتى نهاية عام 2024، ما يعكس نموًا ملحوظًا في الأنشطة الاقتصادية، لكنه لا يقترن دائمًا ببنية مؤسسية أو بيئة تنظيمية واضحة تدعم استمراريته وتطوره. 

رغم هذا النشاط، ما تزال بيئة ريادة الأعمال تواجه تحديات تؤثر على قدرة الأفراد، خصوصًا الشباب، على تأسيس مشاريع جديدة أو تطوير القائم منها. ومن أبرز هذه التحديات غياب رؤية استراتيجية محلية تدعم ريادة الأعمال، ووجود فجوات في الإطار القانوني والتنظيمي، إلى جانب تعدد الجهات المعنية بالإجراءات الإدارية، مما ينعكس على وضوح المسارات المؤسسية اللازمة لتأسيس المشاريع. كما أن غياب محكمة تجارية متخصصة وضعف آليات تسوية النزاعات التجارية يضيفان مزيدًا من العراقيل القانونية أمام أصحاب المشاريع.

على المستوى المالي، تعاني المشاريع الصغيرة من صعوبة الوصول إلى مصادر تمويل ميسّرة، سواء من البنوك أو من المبادرات المجتمعية، في ظل غياب برامج تمويل موجهة لرواد الأعمال، وعدم توفر ضمانات ميسّرة. كذلك، يحد ضعف الثقافة الريادية، سواء في النظام التعليمي أو في البرامج التدريبية، من قدرة الشباب على تطوير أفكار قابلة للتنفيذ أو التوسع. كما أن عدم توفر حاضنات أعمال أو مراكز دعم فني وريادي يسهم في إضعاف فرص تحويل الأفكار إلى مشاريع منتجة.

من جانب آخر، تشكل البنية التحتية الهشة تحديًا إضافيًا، حيث تؤثر مشاكل الكهرباء والانترنت والنقل بشكل مباشر على استقرار وكفاءة المشاريع، لا سيما في المراحل المبكرة. ويضاف إلى ذلك ضعف التنسيق بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وغياب آليات واضحة لتبادل المعلومات والبيانات الاقتصادية، مما يحد من فرص التخطيط والتطوير المبني على المعرفة.

استنادًا إلى هذه التحديات، تقدم الورقة مجموعة من التوجهات المقترحة لتحسين بيئة ريادة الأعمال في المحافظة، بما في ذلك أهمية صياغة رؤية استراتيجية محلية تتوافق مع الاحتياجات الاقتصادية الفعلية، وتحديث الإطار القانوني والتنظيمي لتسهيل إجراءات تأسيس المشاريع من خلال اعتماد نظام موحد وشفاف. كما تشدد الورقة على أهمية توفير بنية تحتية أساسية تعمل بكفاءة وتدعم استمرارية الأنشطة الاقتصادية، إلى جانب تعزيز برامج التدريب المهني والتعليم الريادي، وإنشاء حاضنات أعمال ومراكز دعم فني تساعد في تطوير المشاريع الناشئة.

وتدعو الورقة إلى تحسين فرص الوصول إلى التمويل، سواء من خلال تطوير أدوات مالية ميسّرة عبر البنوك المحلية، أو من خلال الشراكة مع مؤسسات تمويل صغيرة ومتوسطة. كما تؤكد على ضرورة تفعيل دور القطاع الخاص في دعم البيئة الريادية، سواء عبر توفير فرص التدريب أو من خلال المساهمة في حاضنات الأعمال. وفي السياق نفسه، تشير الورقة إلى أهمية تحسين آليات جمع البيانات الاقتصادية وتوفيرها بشكل دوري وشفاف للمستثمرين وصنّاع القرار.

ختامًا، تؤكد الورقة أن تطوير بيئة ريادة الأعمال في مأرب يتطلب جهودًا تكاملية من مختلف الأطراف، ترتكز على تشخيص واقعي للتحديات وتبني سياسات عملية قابلة للتنفيذ ضمن بيئة قانونية وتنظيمية مستقرة، بما يسهم في تمكين رواد الأعمال وتعزيز النمو المحلي المستدام.

لقراءة الورقة كاملة اضغط هـنـا

التعليقات